Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

safi viiip

Archives
24 septembre 2008

في ضيافة القائد الوزير عيسى بن عمر العبدي

244346484_miniفيسجربر طبيب فرنسي استقر في المغرب مطلع عهد المولى عبد العزيز وقربته مهنته من دوائر المخزن المركزي، من قيامه بعلاج الصدر الأعظم «باحماد» وبعد نهاية مهمته أصدر كتاب «على عتبة المغرب الحديث» وهنا ملخص للجزء المتعلق بالقايد عيسى بن عمر.

 

مع نهاية سنة 1896، سيحل بالمغرب الطبيب الفرنسي فيسجربر مستقرا بمدينة الدار البيضاء التي مارس فيها مهنته بجانب حلمه في أن يرى «المغرب أكثر عدالة وأكثر رفاهية وأكثر حرية تحت كنف وحماية فرنسا».
لقد ساهم فيسجربر، كما يُعلن، في إنجاز مشروع الحماية الفرنسية على المغرب من خلال الاختراق المسالم والهادئ الذي استبقها بعقد من الزمن، كان كافيا له للتعرف بهذا المغرب وجذب الانتباه إليه من جهة الفرنسيين.
لقد زاول فيسجربر (1868 - 1946) مهنة الطب في المغرب رفقة طبيبين آخرين فقط، كانا وقتها تحت دعم حكومتي مدريد ولندن، وهي الوظيفة التي زادت حظوته ومكانته في مجتمع مغرب نهاية القرن التاسع عشر، حتى قر
بته من دوائر المخزن المركزي، حيث عالج في دجنبر 1897 الصدر الأعظم سي أحمد بن موسى الشهير بـ«باحماد»، وتقلب في العديد من «حركات» السلطان المولى عبد العزيز الذي سيحييه وهو الفرنسي بالطريقة المخزنية صباح 21 يناير 1898 بعبارة «الله يبارك في عمر سيدي» التي لن يجيب عليها السلطان سوى بابتسامة ونظرة نحو صاحبها.
ومع سنة 1947، ستصدر أول طبعة من كتاب فيسجربر باسم «على عتبة المغرب الحديث» عن منشورات «لابورت»، وهو كتاب ينضاف إلى باقي مصنفات الأرشيف الشخصي لتاريخ المغرب الممتد على امتداد 15 سنة من المعاينة والمشاهدة الشخصية لفيسجربر، شملت وضمت فترة حلم الحماية وتحققها، وقبلها أراد أن يدون وينقل ويكشف عن عناصر المغرب العميق الذي يعتبره بصيغة متحدث الجمع بـ«صنعة» فرنسية.
يوم 29 يوليوز 1912 سيدخل فيسجربر مرسى آسفي قادما إليها من موكًادور على ظهر الباخرة «لو فرييان» من أجل مقابلة القائد عيسى بن عمر العبدي على أرض عبدة ومن داخل قصبته، وهي المقابلة التي ينقلها إلينا كاشفا عن كثير من التفاصيل في شخصية القائد وعن ظروف المخاض السياسي والعسكري الذي كان عليه المغرب، هي على كل حال شهادة مليئة بالقراءات وحاملة للعديد من عناصر الفهم الجديدة، فلنتابع...

  «بآسفي وجدت، فيما يهم مهمتي، توجيهات تكميلية يمكن إجمالها في ما يلي:
التوجه إلى مقابلة السي عيسى بن عمر، قائد عبدة، في قصبته بمنطقة الثمرة، للحصول على انخراطه الكلي في قضيتنا مع حفظ النظام ببلاد عبدة، ودعوته إلى استعمال تأثيره لنفس الغرض على مناطق الجوار (دكالة، احمر، حاحة، شياظمة)، والحصول على تعاونه العسكري الطارئ والمحتمل في عمل مشترك مع كبار قواد الجنوب ضد الهيبة، والتشاور مع قنصلنا بآسفي وقائد طابور الشرطة في موضوع الإجراءات الواجب اتخاذها في أفق ضمان سكينة المنطقة البحرية للحوز.
القائد عيسى بن عمر، الذي يقارب وقتها 70 سنة، ينحدر من أسرة حجازية الأصول، هو نموذج للسيد العربي الكبير: هيئة جميلة ونشيطة بوجه حروفه معقوفة وشيئا ما بُني اللون، إطاره لحية رمادية قصيرة، وعلى الرأس عدة لفات لعمامة من حرير موصلي أبيض، قامته متوسطة وبدون مثقال زائد من الشحم، يظهر دائما ملتحفا في «حايك» بياضه نقي، لقد كانت يداه ورجلاه الأرستقراطيتان موضوع عناية بكثير من التدقيق والتدنيق، وبفعل معاناته من داء المفاصل ومن جرح قديم في الرجل، كان يمشي بصعوبة، لكنه يبقى مع ذلك فارسا شديد البأس لا تخيفه جولة راكبة على مسافة 100 كلم، لقد عُرف كمحارب وقناص كبير محب للخيل والسلاح والعدة الفاخرة وكلاب السلوقي وصقور الصيد.
بجانب هذا كانت أذواقه بسيطة وعاداته صارمة، حيث لا يبرح راقـص «شل» أو «شيخة» عتبة قصبته ودوره بفاس ومراكش، وبامتلاكه لطافة ومجاملة كاملة، كان صديقا وفيا وعدوا حقودا، سيخلف، وهو ثالث قياد عائلته، حوالي سنة 1875 شقيقه الأكبر على قيادة البحاثرة أهم أقسام عبدة، ولما كان مولاي الحسن في السنوات الأولى من ملكه، زوجه من إحدى أرامل والده سيدي محمد، ومنها بداية حظوته عند البلاط المخزني.
ومع وصول المولى عبد العزيز إلى العرش في 1894، رفضت آسفي الاعتراف بالسلطان الشاب، وهو ما فرضه عليها السي عيسى بالقوة بعدما اختصر ذلك في إعدامه للمعارضين الرئيسيين، وكُوفئ على ذلك بتمكينه من قيادة الربيعة والعامر بإضافتهما إلى نفوذه على البحاثرة، وهو ما مكنه من كافة بلاد عبدة، وفيما بعد سيحكم احمر، وأخيرا مدينة آسفي.
لقد تعرفت على السي عيسى في سنة 1898 خلال «الحركة» الأخيرة للمولى عبد العزيز ضد القبائل الثائرة، وكان وقتها في ذروة وأوج قوته حيث يمتد إقطاعه من الواليدية إلى ما وراء تانسيفت ومن الشاطئ إلى 60 كلم من مراكش، لكن تأثيره كان يتسع أبعد من هذا ليقارب أجزاء من دكالة والرحامنة وشيشاوة والشياظمة وحاحة.
لقد كان السي عيسى أهم حاكم ترابي داخل الإمبراطورية الشريفة انطلاقا من صفاته الشخصية ومكانته وحظوته عند السلطان والصدر الأعظم باحماد، فبالإضافة إلى قيمة خيالته الأكثر شهرة بالمغرب، كان صاحب إقطاعة ووفيا في دفع خراج إخاذته التي كانت تتبعه في كل رحلاته بمقدمة من الفرسان الذين كانوا يتمتعون بامتياز التخييم والعسكرة مع قبائل «الكًيش».
وعندما لم يكن يُحتفظ به بالبلاط أو في «المحلة»، كان يعيش ويقيم في قصبته بالثمرة، على بعد حوالي 30 كلم من آسفي، وهناك كان يقود الحياة كسيد فيودالي كبير يحكم إقطاعه وينظر في العدالة ويحصل الضرائب ويدير الأراضي ويصيد الطير ويطارد القنيصة محاطا بأبنائه وإخوته وباقي أفراد عائلته وعبيده الذين كانوا يشكلون حرسا خاصا لا يقل عن 200 فارس، يركبون أحسن خيول المغرب.
لقد كانت إسطبلاته تضم حوالي 400 من الخيول، وكان لديه سرب من كلاب السلوقي ومجموعة من الطيور الصيادة على المنخفض والعلو والمختلفة الأصول، من جزيرة موكًادور إلى ساحل خليج بلاد الفرس، وعرف عنه أيضا حسن ضيافته وكرمه، فللحجاج وضيوف العبور، يتم يوميا ذبح ثور و20 من الأغنام والمئات من الدجاج، ولم يكن هناك مسيحي حسن التربية يقضي الليلة تحت سقف السي عيسى إلا ويهدى له عند لحظة مغادرته فرس من إسطبله، وهذه عادة كانت مسنة ومعروفة إلى درجة أن أحد الأوربيين استثني منها وراح يشتكي إلى نيابته، وذلك ربما لأنه تصرف كنذل.
ظل السي عيسى، ولمدة طويلة، أوطد مساند للمولى عبد العزيز، وبعد مبايعة مولاي حفيظ في سنة 1907 لم ينضم إليه إلا بعد تردد طويل، وحافظ مقابل ذلك على علاقات جيدة مع السلطان السابق الذي ظل يأمل رجوعه إلى السلطة.
وبعد أن عين وزيرا في الشؤون الخارجية ضمن المخزن الجديد، وكان الجميع يشهد على أدائه لمهامه بنزاهة، وبفضل علاقاته الشخصية مع قنصلنا بفاس، كايار، ومع ميرسيي، نائب القنصل، ظل ولمدة طويلة صديقنا الأوحد والوفي ضمن مخزن مولاي حفيظ، وهذا الموقف تجاهنا، بالإضافة إلى علاقاته مع المولى عبد العزيز، جرا عليه ضغينة الصدر الأعظم وبالتالي عزله من مهامه القيادية والوزارية.
كان يعيش بفاس في وضع أقرب إلى الضيق، حين حصل السيد رونيو من السلطان على إعادة قيادة عبدة إليه، وإبان ثورة 17 أبريل أخذ تحت حمايته العديد من مواطنينا الذين أتى بهم إلى القنصلية بعد المذابح، بعد ذلك بقليل، كان قد عاد إلى قصبته واسترجع قيادته السابقة التي تقلصت وأضحت بدون احمر ومدينة آسفي.
بعد تشاوري مع قنصلنا هوف، ومع القائد شولتز، رئيس طابور الشرطة، ذهبت نحو دار السي عيسى، القائد، الذي استقبلني في عتبة قصبته بكبير علامات الصداقة، بعدما بعث قبل ذلك بـ100 فارس لملاقاتي.
وأنا أتناول شاي الترحاب، شرحت له الغرض من مهمتي وهدف القائد فيرلي هانوس بمراكش، وبعد أن أصغى إلي باهتمام شديد، أجابني بأنه سيفكر فيما قلته وبأني سأتلقى جوابه في الغد.
وبالفعل في الغد، وفي الساعة الأولى، أتى لملاقاتي في الجناح الذي وضعه تحت تصرفي، وبعد أن أبعد كل الآذان المتطفلة، ناولني نتائج تفكيره: «يمكنك القول للجنرال بأنني ضامن للنظام في عبدة، وسأستعمل مكانتي أيضا للتأثير على دكالة لإبقائهم في الهدوء، لكن هذا العمل سيكون أكثر سهولة لو تم عزل العديد من القياد الذين تم تعيينهم مؤخرا من طرف مولاي حفيظ وتعويضهم ببعض الرجال الذين وجب حسن اختيارهم ليكونوا قادرين على نيل طاعة أهالي القبائل، أما احمر، فتأثيري الحالي غير كاف لمبارزة مكانة القايد المحجوب الذي يعتبر صنيع مولاي حفيظ بجانب ميول القبيلة الذي في صالح الهيبة، وأخيرا في جنوب تانسيفت، لن يمكن لي محاولة الفعل إلا على الكلولي، أما أنافلوس الذي تعتبرونه عن خطأ صديقكم، لن يفعل شيئا إلا ما يمليه عليه رأسه، وبخصوص جاري المباشر، الحاجي، فهو عدوي اللدود والرجل التابع للمتوكي، ولن يقوم إلا بما يوافق تعليمات هذا الأخير».
«تقول لي إن أحد القواد (فرنسي) ذهب إلى مراكش للتفاوض مع الكًلاوي والكًندافي والمتوكًي، أقول لك إنه لن ينجح، فالقياد سيقدمون له كل الوعود الجميلة من أجل أن يحصلوا منه بنباهة على مزيد من السلاح والذخيرة والمال الممكن، لكنهم لن يقوموا بشيء للتعرض لسير الهيبة، لأن المتوكًي لا يريد، أما البقية فلأنهم لا يستطيعون، فالهيبة سيعبر الأطلس من طوق أمسكروت بقبول ومساعدة المتوكًي الذي يوجد الآن شقيقه، الحاج الموذن، بجانبه مع 40 فرسا».
«ليس هناك، في رأيي، سوى وسيلة وحيدة للتعرض لاجتياح الحوز، وهي الهجوم المباغت على المتوكًي، ثم محاولة الحصول على تعاون الكًلاوي والمتوكًي في أفق معركة مشتركة ضد الهيبة في الجبل، أما أنا فمستعد لخوض المغامرة وأتوفر على 3000 فارس مع سلاح بعدد كاف، وعندي أيضا ما يكفي من الخراطيش لأتهيأ للحملة، لكن يلزمني مستودع للذخيرة بآسفي، ويلزم كذلك احتلال قصبتي في غيابي كي لا يهجم عليها القائد الحاجي.
«تقول لي إن الجنرال لا يريد إرسال الجيوش إلى جنوب أم الربيع، لذلك لديكم طابور الشرطة بآسفي، فلتدعموه حسب الحاجة ولترسلوا جزءا منه إلى هنا، وفي ما يخصني، فأنا مستعد للسير بعد يومين من حصولي على الأمر».
قدمت في الحال حسب لقائي مع السي عيسى بن عمر إلى الإقامة العامة، وفي الليلة التالية لم يرقد لي جفن، حيث كنت أفكر في أمر الذهاب إلى الحرب للدفاع عن مُهمتنا بالمغرب كفرنسي وحيد ضمن الآلاف من الفرسان، في وقت يتبقى لي ما يكفي من الشباب والحماسة لأتذوق جاذبية هذه المغامرة الجميلة... لكن لا أنا ولا السي عيسى كنا قد أخذنا في الحسبان بعضا مما قد يحدث.

Publicité
24 septembre 2008

قبائل رجراجة بين إقليمي الصويرة وأسفي

يطلق اسم "رجراجة" على العديد من القبائل التي كانت تعمر حوض تانسيفت جنوب نهر أمر الربيع، وتحديدا بمنطقة الشياظمة بإقليم الصويرة ملحوظة للموقع : نظن أن جزءا مهما من قبائل الشياظمة تنتمي إلى إقليم أسفي –

تصنف قبائل رجراجة ضمن القبائل المصمودية الأمازيغية التي تعربت في ما بعد، أثناء حملة عبدالمومن بن علي الموحدي وبعده حفيده يعقوب المنصور الموحدي التي استهدفت البحث عن سبيل التقريب بين العنصر العربي الوافد و العنصر الأمازيغي للحد من فرص الثورة و التمرد لدى الأخير.

  46890008_mini

ويطلق اسم "رجراجة" على العديد من القبائل التي كانت تعمر حوض تانسيفت جنوب نهر أمر الربيع، وتحديدا بمنطقة الشياظمة بإقليم الصويرة ملحوظة للموقع : نظن أن جزءا مهما من قبائل الشياظمة تنتمي إلى إقليم أسفي - وارتبطت شهرتها بإحدى الروايات التاريخية التي اختلف المؤرخون حول صحتها، ومفادها أن سبعة رجال من هذه القبيلة، "انتدبوا" لمقابلة النبي محمد (ص) وتلقوا تعاليم الإسلام على يديه ثم عادوا إلى بلادهم ناشرين الدين الجديد قبيل الفتح العربي لبلاد المغرب الأقصى، وهؤلاء الرجال هم أولياء رجراجة السبعة المنتشرة أضرحتهم على ربوع إقليم الصويرة – عدد منهم بإقليم أسفي  -.

 

و هذه الرواية بصرف النظر عن صحتها من عدمه، فإنها جعلت المنتسبين إلى هذه الطائفة يتشكل لديهم اعتقاد راسخ بأسبقيتهم لتلقي الدين الجديد، وكان هذا المعطى إحدى أهم الركائز التي استمدت منها زوايا رجراجة التي يصل عددها إلى 13 زاوية، مكانتها السياسية و الاجتماعية عبر التاريخ، وهو ما أرخى بظلاله على علاقة الرجراجيين بالدول المتعاقبة على حكم المغرب، وهي علاقة لم تستقر على حال واحد، فقد كانت متوترة إزاء المرابطين و الموحدين بسبب


إصرار الرجراجيين على أخذ مسافة اضطرارية بينهم وبين دعوتهم ومذاهبهم، وعرفت تغييرا نسبيا نحو الأحسن خلال حكم المرينيين، والشيء نفسه كان مع السعديين. خلال هذه المرحلة سيبرز الدور الأساسي الذي قامت به قبائل الرجراجيين بزعامة أقطاب زواياها في صد عدوان الاحتلال البرتغالي على إقليم الصويرة سنة 1510م.

رجراجة والملوك العلويين.

خلال مرحلة حكم العلويين ستدخل علاقة "رجراجة" منعطفا جديدا، وإن بدا متوترا مع السلطان مولى إسماعيل الذي دخل في صراع مع العديد من الزوايا المنتشرة عبر ربوع المغرب خلال مرحلة تثبيت حكمه، وسعى بكل الوسائل إلى إخضاعها، و من بين الأساليب التي لجأ إليها لكسر شوكة زوايا رجراجة أولا التشكيك في مسألة صحية الرجراجيين، وقد وظف في هذه الحملة مجموعة من العلماء منهم الشيخ عبدالقادر الفاسي و الشيخ الحسن اليوسي، وثانيا عمد السلطان كذلك إلى تحويل مزارات أوليائها السبعة من منطقة الشياظمة إلى مدينة مراكش، ومن هنا جاءت فكرة " سبعة رجال" الذين اشتهرت بهم المدينة الحمراء. ولم تنكسر شوكة الرجراجيين بهذا الإجراء، بل أعاد السلطان مولى إسماعيل النظر في موقفه هذا بعد أن اتصل به أحد علماء رجراجة، ويتعلق الأمر بالشيخ الصوفي محمد بن احميدة الذي زار السلطان العلوي بمدينة مكناس، وأقنعه بصحبة أولياء الرجراجيين السبعة وسلامة هوية أحفادهم، يظهر هذا الاقتناع من خلال تعيين هذا الشيخ مقدما لزوايا رجراجة، وكذا الظهائر السلطانية التي بدأت تتواتر منذ ذلك العهد إلى زماننا هذا ، ومن خلال عناية ملوك الدولة العلوية بمواسم الرجراجيين المعروفة ب "الدور".

 

المواسم الربيعية دين ودنيا

 

ظلت مواسم الرجراجيين المشهورة ب" الدور" طيلة قرون عديدة تؤدي وظائف دينية بالأساس، لأن الأصل في تلك المواسم أن الرجراجيين أرادوا من خلالها تركيز العقيدة الدينية في أواسط القبائل الأمازيغية التي كانت تعمر حوض تانسيفت، فبعض المصادر التاريخية تحكي أن الأمازيغ ارتدوا اثنتي عشرة مرة، وبهذا يمكن تفسير طواف الرجراجيين أثناء مواسمهم على أماكن مختلفة داخل إقليم الصويرة وخارجه، حتى يجددوا صلة تلك القبائل بالإسلام.

 

وقد تجاوز "الدور" الإطار الدعوي الضيق مع مرور الزمن ليمتزج بعادات وطقوس و ممارسات تعبر عن الهوية الثقافية للمنطقة، وتقام خلالها وعلى امتداد 44 يوما مهرجانات وتجمعات شعبية، ويطوف خلالها ممثلو الزوايا الرجراجية على أضرحة ساداتهم جامعين في ذلك بين الأغراض الدينية والدنيوية، كما لاحظ ذلك دانييل شروتر في كتابه "تجار الصويرة" بحكم أن الحركة التجارية تنتعش كذلك خلال أشغال هذه المواسم.

الهبة الملكية لمواسم رجراجة

 

حظيت هذه المواسم باهتمام خاص من طرف القصر الملكي ما زال مستمرا إلى يومنا هذا، ويتجلى ذلك من خلال الهبة السنوية التي يتوصل بها ممثلو زوايا رجراجة مع انطلاق مواسمهم الربيعية، وقد أكد لنا بعض المشرفين على "الدور" أن زوايا رجراجة تتوصل سنويا مع انطلاق مواسمها بهبة ملكية تتراوح قيمتها بين 10 إلى 30 مليون سنتيم، ويتكلف الحاجب الملكي بتسليم هذه الهبة لمقدم الزاوية الذي عادة ما يكون أحد حفدة الشيخ محمد بن حميدة الذي يعتبر أول مقدم بحكم أن هذا المنصب هو عرف استحدث خلال العهد الإسماعيلي وظل ينتقل بالوراثة بين أحفاد هذا الشيخ.

 

وتتم عملية تسليم الهبة وسط احتفال رسمي بالمسجد العتيق بمدينة الصويرة بحضور السلطات المحلية والإقليمية و أعيان المنطقة، ويتولى المقدم توزيع الهبة وكذا" الزيارات" على المنتسبين للزوايا ال 13، كما يتولى التنسيق بين تلك الزوايا. ويحكي عبدالله السعيدي الرجراجي في كتابه "السيف المسلول" عن الكيفية التي يتم بها الإعلان عن انطلاق "الدور" فيقول: "اعلم إذا كان دخول مارس الفلاحي بالسبت أو الأحد يكون في الخميس الأول منه، وإن كان بالإثنين أو الثلاثاء فلا، لأن رجراجة يتحرون أيام الحسوم فلا يبدؤون بها مواسمهم السنوية، وصفة ذلك أن ينادي مناد من طرف المقدم يوم سوق ثلاثاء على الكراتي بأن الدور عامر يوم الخميس ويسمى يوم الصفية الذي لابد من حضور المقدم أو نائبه بأول ضريح علي بن بوعلي، ومساء الخميس نفسه تأتي الطائفة فيبيت أفرادها ويبيت الكل في المسجد ذاكرين مصلين على النبي..."

 

وعادة ما ينطلق "الدور" يوم الجمعة إذ يتفنن الناس في الاحتفال، وبضريح ابي علي تلتقي الطائفة بامقدمين و يشرعون في التصلية وترتيل بعض الأزجال الموروثة عن أسلافهم ثم يسيرون يجمعهم إلى "الهرجانة" حيث تبتدئ "الزيارة" وجمع "الفتوحات" التي تتوزع في اليوم الأخير، ومن بين العادات التي ترتبط بعملية توزيع الهبة و الفتوحات أنها لا تسلم إلا للحاضرين من مستحقيها أما الغائبون فلا حق لهم في المطالبة، ولا يقتصر توزيع الهبة على مكان واحد إذ يشمل العديد من الأضرحة و الزوايا بالإقليم.

24 septembre 2008

الشيخ ابي محمد صالح باسفي و الطريقة الصالحية

840604599_mini

يقع رباطه حاليا وسط المدينة  ، يجاور البحر، قرب شارع  رباط النور،  به قبره وسط الضريح و دفن معه أبنائه وكذا حفيده مؤلف " المنهاج الواضح 

           يرتبط مفهوم الطريقة الصالحية حسب الباحثة نفيسة الذهبي بالصلاح والولاية ، التي رسم اولى معالمها الشيخ أبي محمد صالح ، واعتبرت الباحثة  أن التجارب الصوفية تعتمد على طرق و أسلوب الشيخ، وعلى الأهداف التي يرى فيها ما يخدم المصالح الجماعية العامة التي تتجلى في التعليم، والحماية، والتكافل، والصداقة، ويعد الشيخ أبي  محمد صالح الماكري المؤسس الحقيقي للطريقة الصالحية ، قضى حياته التعليمية بمسقط رأسه قبل أن يرحل إلى المشرق ليستكمل تكوينه  معارفه شملت علوم الدين والتصوف ومن  مشايخه الفقيه أبو عمران موسى بن  هارون السفطوري الماكري، والفقيه أبو عيسى المغيطي، أما في المشرق فقد لازم الشيخ إسماعيل بن مكي بن عوف الزهري ، يقع رباطه حاليا وسط المدينة  ، يجاور البحر، قرب الشارع  رباط النور،  به قبره وسط الضريح و دفن معه أبنائه وكذا حفيده مؤلف " المنهاج الواضح ". زاره  لسان الدين بن الخطيب سنة 761هـ ،.كان لرباطه دورا تعليميا دعويا بلغت شهرته  أنحاء المغرب والمشرق، وجعلت منه أحد المراكز الدينية السنية المحافظة على الروابط الوحدوية في العالم الإسلامي.فكان بذلك صاحب دعوة صوفية قائمة على أساس سني حرص فيها غالبا على استحضار سيرة الأنبياء وشعاراتهم: أولهما يتعلق بالمظهر والأمور الشكلية مثل حلق الرأس واللحية، ولبس الشاشية والمرقعة، واستعمال السبحة، واتخاذ العصا، واستعمال الركوة أثناء السفر. أما ثانيهما فيهم جانب السلوك والتوبة وذلك بترتيب الأذكار واتخاذ وظيفة يومية، وتنظيم توزيع الصدقات، ورئاسة ركب الحجاج.فاتخذت بذلك شكلا من أشكال التلقين، والتربية الخلقية الذوقية، وتؤكد الباحثة في كتاباتها عن التنظيم الصوفي الجماعي ، أنها تستدعي وجود شيخ مع القدرة على تصفية النفس ونهج سبيل الاستقامة عند المريد السالك. وحملت معها سمات السنية، والالتزام بقواعد الإسلام، وحرصت على

جعلها سبيلا لترسيخ كثير من تلك القواعد، فهي في باب العبادات حضت أتباعها على مواصلة الصوم واتخاذ القدوة من الشيخ .وفي مجال المعاملات والعلاقات الاجتماعية، حرص الطريقة الصالحية على تنظيم الصدقات. فكانت للأموال نصيبا لكل الفقراء يستعينون بها على حاجاتهم المختلفة بحسب الحاجة  نظرا للفقر الذي كان منتشرا ، دفع   بأبي محمد صالح أخد  ثلث مال من تاب على يديه، فزاد أصحابه من بعده  في الأمر جزءا ماليا لتشجيع بعضهم البعض على القيام بالعبادات والاجتهاد في مواصلة الأوراد.كما التزم أصحابه وأتباعه بالحج دون اعتبار عنصر الاستطاعة وتوفير الأمن، ومساعدة الضعيف والمريض والعاجز. ومن تم كان اجتهده  في تفسير الاستطاعة، معتمدا على أقوال بعض أقطاب الصوفية  .

وفي الجمع بين تشجيع أهل البلد و المغاربة على القيام بهذه الشعيرة الدينية، وبين توفير الظروف الملائمة، خصوصا وان الشيخ يعرف عن كتب أحوال المشرق الإسلامي ،وأكثر الطرق  أمنا، كما تتوفر لديه مجموعة من المراكز (الزوايا) ترأسها عدد من أبنائه وتلامذته وخاصة في مصر والشام ،فكانت تستقبل الحجاج الوافدين وتمد المسافرين بالمساعدات ،فتكونت لذا  الشيخ شبكة واسعة من الزوايا للأخذ بيد الحجاج المغاربة، فشرع طريقا جديدا في تجربة التصوف الجماعي، انطبعت بتنظيم محكم له علاقة متينة  بشخصية الشيخ وبوجود رابطة الامتثال والتطوع، والخضوع لنوع من التراتبية في تبادل الأدوار وتوزيع المهام.فأحيى بذلك ما أفسده الدهر ، وأزال عن مفهوم الاستطاعة للحج كل ما كان  يشوبه من تخويف وتهويل ،وأشاع الأمن واليسر ، فاعتبرت بذلك الطريقة الصالحية ، طريقة عملية ميدانية تربط المغرب بالشرق للأداء مناسك الحج وبذلك وصفه العبذري في رحلته بشيخ الصالحين 

Publicité
safi viiip
Publicité
Publicité